محمد هنداوي يكتب: أمنية الحاجة مريم

الكاتب الصحفي محمد هنداوي
الكاتب الصحفي محمد هنداوي

بعد أيام قليلة تحتفل مصر بالذكري العاشرة لثورة ٣٠ يونيو المجيدة، التي أطاحت بحكم جماعة الإخوان الإرهابية، بعد عام واحد من سيطرتها علي رئاسة مصر وكشفها عن وجهها الحقيقي القبيح وأهدافها الخبيثة لأخونة مؤسسات الدولة والسيطرة علي مفاصلها، وهي التي باءت بالفشل بفضل خروج الملايين من أبناء الشعب المصري في جميع المحافظات ، ودعم القوات المسلحة المصرية والفريق أول عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع والانتاج الحربي - آنذاك - لثورة المصريين وحمايتهم من بلطجة وبطش وقتل أنصار جماعة الاخوان والمنتمين إليهم من التنظيمات التكفيرية والارهابية، والتصدي لمحاولة إحداث حالة من الانقسام في المجتمع المصري بترويج الشائعات والأكاذيب. 

كما كان ميدان الحرية "التحرير" هو الشاهد علي نجاح المصريين في ثورة يناير المجيدة ، فكان أيضاً الطريق إلي ثورة ٣٠ يونيو العظيمة حيث كنت موجوداً مع الملايين من أبناء الشعب المصري من مختلف المحافظات والطبقات والفئات العمرية ليهتف الجميع " يسقط يسقط حكم المرشد"، وفي مشهد رأسي من ميدان التحرير لم ولن أنساه ومازال معلق في ذاكرتي.. ملايين البشر على اليمين وعلى اليسار في يوم ٣٠ يونيو عام ٢٠١٣، يملئون ميدان التحرير والشوارع المحيطة به. لا موطئ لقدم ولا تستطيع السير هنا وهناك. فقط هتافات تزلزل المباني المحيطة بالميدان من كافة أركانها و التي يكسوها علم مصر الغالي، هتافات رجت أرجاء المحروسة كلها حينما ردد الثوار "يسقط يسقط حكم المرشد" و"أرحل يا مرسي"  و"الشعب يريد إسقاط نظام الإخوان".

والمشهد الثاني، كان لسيدة مسنة بلغت من العمر أرزله، تبيع المناديل بجانب سور مقر جامعة الدول العربية. صورة هذه السيدة لا تفارقني حينما تقترب ذكرى ثورة ٣٠ يونيو المجيدة. فحينما اقتربت منها لأشترى مما تبيع لأمسح عرقي الذي تصبب بسبب آشعة شمس يونيو الحارقة، وكأن الشمس كانت تقول رأيها وتهتف معنا لسقوط حكم جماعة الإخوان الإرهابية.

أعود إلى السيدة مريم ذات السبعين عاماً، حينما اقتربت منها وقالت لي: "ربنا معاكم يا ابني، ربنا ينصركم على الظلمة دول، والله أنا نفسي يغوروا في داهية، وربنا يكرمنا برئيس يراعي ربنا في أهله اللي هو إحنا، ما إحنا نعتبر أهل الرئيس يا ابني، إنما دول تحسهم يهود، مبيحبوش غير بعض، ومبيراعوش غير بعض"، وانهارت دموعها، لأدعو الله أن يسقط ذلك الحكم البغيض، ويمن الله على مصر بالخير وبالقائد الحكيم الملهم. وتركتها وبعد أمتار قليلة نظرت لها مجدداً وقلت لها: "متقلقيش هيمشوا كمان كام يوم، الجيش واقف جنب البلد بكل قوة، ومش هيفرط في حد، قولي يا رب.. وأنا مش هنساكي يا حاجة مريم".

المشهد الثالث.. بعد أيام وشهور وسنوات، حقق الله أمنيتي وملايين المصريين وبالطبع تمنيات الحاجة مريم. وقد منّ الله على مصر المذكورة مرات عديدة في القرءان، برئيس حكيم وقائد ملهم، يراعي الله في وطنه وشعبه، بل يعاملهم بالفعل كأهله .